الأربعاء، 26 نوفمبر 2008

عمر البشير ومحكمة الجنايات الدولية

تحيّة طيّبة وبعد ,

خبر اتهام المدعي العام مورينو أوكامبو من المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس السوداني عمر حسن البشير , بات هذا الخبر يحتل العديد من نشرات الأخبار , رغم أنّ الأزمة المالية العالمية بعد تصدُّرِها قائمة الأخبار , أدّت إلى تتدني الاهتمام بخبر محاكمة البشير , على المستوى الإعلامي .

و رغم ان الموضوع له جانب قانوني , إلا أن هناك آراء تشير إلى أن الاتهام له طابع سياسي .

الاتهام : اتهم ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية مورينو أوكامبو الرئيس السوداني عمر حسن البشير بتدبير حملة إبادة جماعية في دارفور أودت بحياة 35 ألف شخص وتسببت في اضطهاد 2.5 مليون لاجيء.وطلب المدعي لويس مورينو أوكامبو من المحكمة إصدار أمر اعتقال بحق الرئيس البشير ابرز الشخصيات التي تطلبها المحكمة منذ انشائها عام 2002.

وقال مورينو أوكامبو إنه بالاضافة الى الالاف الذين قتلتهم القوات المسلحة السودانية وميليشيا تدعمها الخرطوم تعرض 2.5 مليون آخرين لحملة: اغتصاب وتجويع وترهيب، في مخيمات اللاجئين التي استمرت فيها الابادة الجماعية: تحت اعيننا.

واضاف مورينو أوكامبو في مؤتمر صحفي: البشير شخصيا هو الذي اتخذ قرار ارتكاب أعمال الابادة الجماعية.. إن البشير ينفذ هذا الابادة من دون غرف للغاز ومن دون رصاص ومن دون مدى. إنها ابادة جماعية عن طريق الاستنزاف.

ويقول خبراء دوليون ان 200 الف شخص على الاقل لقوا حتفهم في دارفور وتشرد 2.5 مليون منذ اندلاع التمرد في عام 2003 . وتقول الخرطوم ان حوالي 10 آلاف فقط قتلوا.
وقال مورينو أوكامبو إن تطبيق أمر الاعتقال يستغرق عادة شهرين أو ثلاثة ولكن قد يستغرق أكثر من ذلك لأن القضية معقدة للغاية. وأضاف أنه سيطلب من المحكمة تجميد الأموال الخاصة بالبشير.
واضاف المدعي ان البشير دبر خطة لتدمير جماعات الفور والمساليت والزغاوة العرقية في اقليم دارفور الذين شنوا تمردا عام 2003 ضد حكومة الخرطوم متهمين أياها بتهميش الاقليم الغربي الشاسع.وتضمنت مذكرة الاتهام ثلاث تهم بارتكاب أعمال قتل جماعية وخمس جرائم ضد الإنسانية منها القتل والإبادة والترحيل القسري والتعذيب والاغتصاب وجريمتي حرب.وقال الادعاء إن البشير أصدر أوامر بترقية الذين نفذوا أوامره بالقتل الجماعي، مثل الوزير أحمد هارون الذي وجهت إليه المحكمة اتهامات بشأن دارفور العام الماضي.

تنويه [ والبشير هو أول رئيس دولة حاكم يصدر بحقه مثل هذا الأمر وهو لايزال في سدة الحكم ] .
وتجدر الإشارة إلى انه [ قبل صدور الاتهام تعهدت الخرطوم وهي ليست عضوا في المحكمة بمواصلة خطوات السلام في دارفور وقالت إنها ستوفر الحماية لموظفي الأمم المتحدة في دارفور التي يوجد بها اكبر عملية اغاثة في العالم. ]رد البشير : نفى البشير الاتهامات وقال ان المحكمة الجنائية الدولية ليست لها ولاية قضائية في السودان.
واضاف البشير في تعليقات نقلها التلفزيون الحكومي ان كل من زار دارفور والتقى بالمسؤولين وتعرف على عرقياتها وقبائلها سيعرف ان كل تلك الامور اكاذيب.
وسيسعى السودان لطلب دعم الحلفاء مثل الصين وروسيا لكي يعرقل مجلس الامن الدولي صدور أي مذكرة اعتقال. وكان مجلس الامن الدولي طلب من المحكمة التحقيق بشأن وقوع جرائم في دارفور عام 2005.بحسب رويترز.

ردود فعل الشارع السوداني :

وكان آلاف المتظاهرين قد اجتمعوا في الخرطوم للاحتجاج ضد المحكمة الجنائية الدولية بينما شددت منظمات الإغاثة والسفارة الامريكية الاجراءات الامنية خوفا من تصاعد أعمال العنف من جانب البشير الغاضب والمتمردين في دارفور.
وتظاهر بضع عشرات من الناس خارج السفارة البريطانية ومقر الأمم المتحدة في الخرطوم عقب الأنباء الواردة من المحكمة الجنائية الدولية.بينما تسعى حكومة البشير الى الحصول على دعم من الخارج قال شريك في الائتلاف الحاكم انه يفضل اجراء محادثات مع المحكمة الجنائية الدولية وهو الامر الذي رفضه حزب المؤتمر الوطني المهيمن بزعامة البشير.
وقال ياسر عرمان المتحدث باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان لرويترز: يتعين علينا أن نفتح نافذة مشاورات وتبادل للاراء مع المحكمة الجنائية الدولية.

ردود فعل المجتمع الدولي :

امتنعت الصين عن التعليق على القضية التي قد تحرج أكبر مورد للسلاح للخرطوم والمستثمر الكبير في قطاع النفط السوداني.
وقال وزراء خارجية عرب إنهم سيعقدون اجتماعا طارئا لمناقشة اتهامات الإبادة الجماعية الموجهة للرئيس السوداني من الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية.
وحث رئيس الاتحاد الافريقي المحكمة الجنائية الدولية على تعليق اي تحركات لالقاء القبض على البشير من اجل المساعدة في جهود انهاء الصراع الذي تجاوز حدود اقليم دارفور في غرب البلاد ليمتد إلى الشرق والجنوب وإلى الدول المجاورة.
وقال وزير الشؤون الخارجية التنزاني برنارد ميمبي متحدثا لرويترز نيابة عن رئيس الاتحاد الافريقي رئيس تنزانيا جاكايا كيكويت: اذا القيتم القبض على البشير فستخلقون فراغا في القيادة في السودان.
وستكون النتيجة مساوية لما حدث في العراق.
ستكون هناك زيادة في الفوضى.
وقال ريتشارد ديكر من جماعة هيومان رايتس ووتش (منظمة مراقبة حقوق الانسان) ومقرها نيويورك:

إن اتهام الرئيس البشير في الجرائم المروعة في دارفور يظهر أنه لا أحد فوق القانون.وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون انه يتوقع من السودان ضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة هناك برغم الاتهامات بشان دارفور مضيفا في بيان ان: الامم المتحدة ينبغي ان تحترم استقلال العملية القضائية.

وقال سليمان صندل من حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور: القرار في صحيفة الاتهام هذه يمثل انتصارا للانسانية.

هذا القرار سيضع البشير في مأزق وسيساعدنا على تجاوز هذا النظام.
لا ينبغي ان يكون رجل مجرم رئيسا لدولة عضو في الامم المتحدة.

ختاماً , سأدرج وجهة نظري في الموضوع في عدة نقاط :

1) لا أرى أن هذا الاتهام يصطدم بسلامة الشعب السوداني , البتّة .
بل على العكس فهو يعطي الشعب الحق في إثارة التساؤلات حول ما إذا كانت سياسات حكوماتهم تصب في المصلحة العامة أم لا , وتجعل الحكومة تحت المرصاد , بحيث تصبح حذرة في أفعالها وردود أفعالها لعلمها بأن الشعب سيثور إن رأى ما يتعارض مع مصالحه .

2) ماذا يمكن أن يكون مصيرالبشير؟ كما هو مصير الزعماء المعتقلين السابقين له ؟ بمعنى آخر ما العقوبة التي يمكن أن تترتّب على الجريمة التي ارتكبها في حال ثبتت عليه الإدانة ؟ مهما كانت العقوبة .. فإن مَنْ مات من الشعب السوداني لن رجعوا لكن على الأقل فليشعر باقي الشعب بأن نفوسهم مُصانة ضد أي إبادة جماعية يمكن أن تحدث مستقبلاً .

3) وأعتقد أن الاتهام له طابع سياسي , والسبب ببساطة : لِمَ لم تصدر اتهامات ضد جورج بوش وهو مقارنة بالبشير , فإن ما ارتكبه جورج بوش من مجازر وحروب بحق الشعب العراقي , أكثر فظاعة من الإبادة الجماعية التي يُتهم بها البشير , هذا بالإضافة إلى الجرائم الأخرى التي اقترفها - ولا يزال - جورج بوش ضد الكثير من الشعوب , بدعوى محاربة الإرهاب !
وهل يحارب الإرهاب بالإرهاب والسلاح ؟! أعتقد أن المحكمة لم تتسم بالحيادية والانصاف حين توجهت بالاتهام إلى البشير دون غيره , خصوصاً وأن [ غيره ] كثيرون وأصحاب جرائم أكثر فظاعة .

4) أما عن شرعية هذه المحكمة أعني بأنها ليست لها أية ولاية قضائية في السودان على حد تعبير الرئيس السوداني , فأعتقد بأن هذا رد ( مَنْ تلعثم لسانه ) .

5) والملفت للأمر أن وقت الاتهام , جاء والرئيس السوداني لايزال في سدة الحكم , من جانب آخر جاء هذا الاتهام في الوقت الذي تستعيد فيه السودان احياء السلام , خصوصاً في دارفور .
أعتقد بأن الفترة الزمنية كانت غير مناسبة , لأنه كان يجب أن يُعطى البشير فرصة لتحقيق السلام في دارفور , كما كان يزعم . بعدها كان من الممكن أن يوجه له الاتهام.
من جانب آخر فهو - أعني الوقت - مناسب إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أهمية محاكمة البشير قبل أن يتسبب في جرائم أخرى ربما أسوأ من سابقتها .
6) وهنا أقف حيرى , وأتساء ترى ما العواقب التي يمكن ن تنجم عن اعتقال البشير !!؟

فائق التقدير والاحترام ,,,,,

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ضوؤكم يُبهِِرُني فلا تحرموني عبوره ,